«كل شيء في غزة اصبح بالكوبونات، والهدنة لم تخفف القيود المفروضة على غزة»... هذا ما قالته العجوز ام سفيان التي انتظرت شتاء طويلا للحصول على كيس من الاسمنت لاغلاق الثقب في سقف منزلها، ووقف تدفق مياه الامطار على فراشها وحاجياتها.
فقد حظرت السلطات الاسرائيلية دخول الاسمنت ومواد البناء الى قطاع غزة، منذ انقلاب حماس على السلطة الشرعية في القطاع في يونيو من العام الماضي، مما ادى الى شلل كبير في قطاع الاعمار والبناء، وتكبيد الشركات خسائر باهظة.
واعلنت حركة«حماس» الخارجة عن القانون في غزة تشكيل لجنة عليا في القطاع لتحديد الاليات والاوليات في توزيع عادل للاسمنت على المستهلكين بعد تقديم طلبات الحصول عليه، في دلالة على ضعف الكميات التي سمحت اسرائيل بإدخالها.
وحسب اتفاق التهدئة بين «حماس» واسرائيل، الذي دخل حيز التنفيذ بوساطة مصرية في التاسع عشر من الشهر الماضي، تسمح اسرائيل بادخال قائمة الممنوعات التي فرضتها على مدار عام باكمله، الا انها لازالت تتلكأ، وتقلل من توريد حاجيات القطاع.
وتقول ام سفيان الطاعنة في السن، والتي تقطن احد مخيمات اللاجئين في اقصى جنوب قطاع غزة، لجريدة الجريدة الكويتية «لقد تأثرت منازلنا بسبب القصف الاسرائيلي، والاجتياحات المتكررة للمخيم لقربه من الحدود مع الاراضي المصرية».
وتضيف الحاجة ان ابنها «يقوم قبل فصل الشتاء بسد ثقوب سقف الاسبست بالاسمنت، او اغلاق سقف المنزل بالنايلون، لمنع تساقط المياه الى الداخل، الا ان الحصار قلل من توافره ورفع ثمن الموجود منه الى اضعاف».
ويشبِّه كثير من الغزيين، لاسيما من ينتظر اكمال بناء منزله، الاسمنت بـ«الافيون»، لارتفاع ثمن اسعاره. وقال ابو شادي الذي اوقف البناء في منزله في آخر مراحله، «بعد نفاد الاسمنت من المحلات، بدأ بعض التجار ممن تمكنوا من جلب بعض اطنان الاسمنت من مصر خلال فتح الحدود، في بيعه باسعار خيالية وكأنه افيون ومخدرات».
وشكا الغزيون على مدار عام من الحصار، من صعوبة بناء القبور ودفن موتاهم لعدم توافر الاسمنت، مما دفع كثيراً منهم الى استخدام الواح من الصفيح لسد اخر ثغرات الحياة على اقربائهم.
وشكك عماد عبدالله صاحب شركة للبناء، في كميات الاسمنت التي دخلت القطاع بعد التهدئة، وقال للجريدة »: « ما دخل القطاع من اسمنت لا يفي بتسكير الشقاق في المنازل».
وأشار عبدالله الى ان كمية الاسمنت التي كانت تدخل القطاع يومياً قبل الحصار، كانت قرابة 3500 طن، بينما دخل القطاع منذ التهدئة نحو 500 طن فقط. ولفت الى الخسائر التي تكبدتها وفقدان الالاف من العمال مصدر رزقهم الوحيد من جراء الحصار الظالم